خطبة الجمعة القادمة بعنوان: الهجرة النبوية المشرفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سنقدم لكم اليوم خطبة الجمعة القادمة بعنوان الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن الكريم عن المهاجرين والأنصار، وهو الموضوع المقرر من قبل وزراة الاوقاف المصرية وذلك لتوحيد خطبة الجمعة على جميع المساجد في جمهورية مصر العربية، ويمكنكم الحصول على نص خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف word او pdf وذلك من خلال موقع الشامل الذي يقدم نماذج لخطبة الجمعة القادمة بشكل أسبوعي ومستمر وذلك لمساعدة السادة الأئمة في تحضير خطبة الجمعة القادمة بشكل مميز وشامل.
خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf
تعمل وزارة الأوقاف المصرية على توحيد موضوع خطبة الجمعة والاعلان عن الموضوع بشكل مستمر ليتم توحيد الخطبة، وتم بالفعل تحديد موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن الكريم عن المهاجرين والأنصار، وهو ما سنتحدث عنه خلال هذا المقال الشامل لتقديم محتوى قيم يمكن للسادة الأئمة الاعتماد عليه وذلك بالاستعانة بالشيخ محمد علي رزق في تحضير وتسجيل الخطبة، ويمكنكم متابعة موقعنا للحصول على النسخة المسجلة من الخطبة فور رفعها على قناتنا الدينية الموجودة على اليوتيوب، ويمكنكم الانضمام لقناة التليجرام الخاصة بنا من خلال الضغط على زر الانضمام الموجود بالأسفل.
خطبة الجمعة القادمة مكتوبة
سنقدم لكم الآن نص موضوع خطبة الجمعة بشكل كتابي ليتمكن السادة الأئمة من تصويره أو نسخه للاستعانة به في تحضير الخطبة ويمكنكم تحميل ملف الخطبة من خلال الزر الموجود بالأسفل:
الحمد لله رب العالمين, اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ نورُ السَّمَواتِ والأرضِ ومَن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ قيِّمُ السَّماواتِ والأرضِ ومَن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ ملِكُ السَّمَواتِ والأرضِ ومَن فيهنَّ، لَكَ الحمدُ أنتَ الحقُّ، ولقاؤُكَ حقٌّ، ووعيدُكَ حقٌّ، وعذابُ القبرِ حقٌّ، والجنَّةُ حقٌّ، والنّارُ حقٌّ، والسّاعةُ حقٌّ، والقبورُ حقٌّ، ومحمَّدٌ حقٌّ، اللَّهمَّ بِكَ آمنتُ، ولَكَ أسلمتُ، وعليكَ توَكَّلتُ، وإليكَ أنبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإليكَ حاكَمتُ، فاغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسرَرتُ وما أعلَنتُ، أنتَ المقدِّمُ، وأنتَ المؤخِّرُ، لا إلَهَ إلّا أنتَ، ولا إلَهَ غيرُكَ.
وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, يحيي ويميت, وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن سيدنا محمدا عبدُه ورسولُه, بلَّغ الرسالة, وأدَّى الأمانة, ونصح الأمة, فكشف الله به الغمة, فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب 56
أيها المسلمون الكرام, عليكم بتقوى الله عز وجل, فلا فلاح في الدنيا والآخرة إلا بتقواه ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) لقمان 33
الهجرة من مكة إلى المدينة
أما بعد, فإن الهجرة من مكةَ إلى المدينةِ كانت حدَثا فاصلا وفارقا في تاريخ المسلمين, لما بُعث النبي ﷺ وهي في الأربعين من عمره دعا قومه إلى توحيد الله عز وجل وإلى ترك الشرك وعبادة الأصنام, فمنهم من آمن ومنهم من كفر, وتوعد صناديدُ الكفرِ النبيَّ ﷺ وأصحابَه, وعادَوه من أول لحظة, فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] صَعِدَ النَّبيُّ ﷺ على الصَّفا، فَجَعَلَ يُنادِي: يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي عَدِيٍّ – لِبُطُونِ قُرَيْشٍ – حتّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إذا لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَخْرُجَ أرْسَلَ رَسولًا لِيَنْظُرَ ما هُوَ، فَجاءَ أبو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ، فَقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ إلّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ، فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ سائِرَ اليَومِ، ألِهذا جَمَعْتَنا؟! فَنَزَلَتْ: ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ﴾. الراوي: عبدالله بن عباس • أخرجه البخاري, ومسلم
تعرض النبي خلال ثلاثَ عشْرةَ سنةً قضاها بمكةَ بعد بعثته وكذلك أصحابه الكرام لإيذاء المشركين, منها أن النبيُّ ﷺ كان يُصَلِّي في ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقالَ أبو جَهْلٍ: وناسٌ مِن قُرَيْشٍ، ونُحِرَتْ جَزُورٌ بناحِيَةِ مَكَّةَ، فأرْسَلُوا فَجاؤُوا مِن سَلاها وطَرَحُوهُ عليه، فَجاءَتْ فاطِمَةُ، فألْقَتْهُ عنْه، فَقالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ لأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ، وعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وشيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، والوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ، وأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ، وعُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ، قالَ عبدُ اللَّهِ: فَلقَدْ رَأَيْتُهُمْ في قَلِيبِ بَدْرٍ قَتْلى، قالَ أبو إسْحاقَ ونَسِيتُ السّابِعَ، قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: وقالَ يُوسُفُ بنُ إسْحاقَ، عن أبِي إسْحاقَ: أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، وقالَ شُعْبَةُ: أُمَيَّةُ أوْ أُبَيٌّ والصَّحِيحُ أُمَيَّةُ. الراوي: عبدالله بن مسعود • أخرجه البخاري, ومسلم
وروى البخاري أن عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرٍو سئل عن أشَدِّ ما صَنَعَ المُشْرِكُونَ برَسولِ اللَّهِ ﷺ، قالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بنَ أبِي مُعَيْطٍ جاءَ إلى النَّبيِّ ﷺ وهو يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِداءَهُ في عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ به خَنْقًا شَدِيدًا، فَجاءَ أبو بَكْرٍ حتّى دَفَعَهُ عنْه، فَقالَ: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [غافر: ٢٨]
وقد ذهب النبي ﷺ إلى الطائف ليدعو أهلها إلى الإسلام فلم يقبلوا وسلَّطوا عليه السفهاء والصبية حتى أدموا قدميه, وقد قالَتْ أم المؤمنين عائشة للنَّبيِّ ﷺ: هلْ أتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي على ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ على وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: (بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا). أخرجه البخاري
مقدار ما عاناه الصحابة رضوان الله عليهم
وما حدث للصحابة الكرام لا يخفى على أحد أمثال الصديق أبي بكر وعثمان وبلال وعمار, فعن جابر بن عبد الله أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ مرَّ بعَمّارٍ وأهْلِه وهُم يُعَذَّبونَ، فقالَ: (أبْشِروا آلَ عَمّارٍ، وآلَ ياسِرٍ؛ فإنَّ مَوْعِدَكمُ الجنَّةُ). أخرجه الحاكم، المستدرك على الصحيحين
وهذا حديث يدلك على مقدار ما عاناه الصحابة رضوان الله عليهم, حيث قال خباب بن الأرت: شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ على رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتّى يَسِيرَ الرّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلّا اللَّهَ، والذِّئْبَ على غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. أخرجه البخاري
لقد ضرب النبي وأصحابه أروع الأمثلة في الصبر والتضحية في سبيل الله سبحانه وتعالى.
بعد هذه الأعوام وفي هذه الظروف جاءت الهجرة لينتقل المسلمون إلى بقعة جديدة لعلها تقبل دعوة الإسلام, فتتجلى صورة أخرى من صور التضحية والحب لله ورسوله, يترك المهاجرون ديارهم ويضحون بأموالهم في سبيل الله, وهذا درس من أهم دروس الهجرة.
قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ لمَكَّةَ: (ما أطيَبَكِ من بَلدةٍ وأحَبَّكِ إلَيَّ! ولولا أنَّ قَومَكِ أخرَجوني ما سَكَنتُ غَيرَكِ).
الحاكم، المستدرك على الصحيحين
وإنَّ صُهَيبًا حين أراد الهِجرَةَ إلى المدينةِ قال له كُفّارُ قُرَيشٍ: أتَيتَنا صُعلوكًا فكثُر مالُكَ عِندَنا وبلَغتَ ما بلَغتَ، ثم تُريدُ أنْ تَخرُجَ بنَفْسِكَ ومالِكَ، واللهِ لا يكونُ ذلك، فقال لهم: أرأيتُم إنْ أعطَيتُكم مالي أتُخَلُّونَ سَبيلي؟ فقالوا: نَعَمْ، فقال: أُشهِدُكم أنِّي قد جعَلتُ لكم مالي، فبلَغ ذلك رسولَ اللهِ ﷺ فقال: رَبِحَ صُهَيبٌ رَبِحَ صُهَيبٌ
الراوي: عبدالرحمن بن مل النهدي أبو عثمان • ابن حجر العسقلاني، المطالب العالية
قال تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) الحشر
الدروس المستفادة من الهجرة
ومن دروس الهجرة التوكل على الله عز وجل, والتوكل هو صدق اعتماد القلب على مع الأخذ بالأسباب, اتخذ النبي ﷺ صاحبا وهو الصديق أبو بكر, ودليلا وهو عبدُ الله بنُ أريقط , وراعيا يزيل آثار الأقدام بالأغنام وهو عامر بنُ فهيرة, وأعد سيدنا أبو بكر راحلتين, وسلك النبي ﷺ طريقا إلى المدينة غير معتاد, وكان عبد الله بن أبي بكر ينقل أخبار المشركين للنبي ﷺ, وكانت أسماء بنت أبي بكر تعد الطعام للنبي ﷺ وصاحبه.
بعد كل هذا وصل المشركون إلى الغار, هنا يأتي اليقين والثقة في الله رب العالمين حيث يقول أبو بكر للنبي ﷺ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنا، فَقالَ: (ما ظَنُّكَ يا أبا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثالِثُهُما؟!) أخرجه البخاري، ومسلم
قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 40
أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه في الهجرة
وكان لأبي بكر أحوالٌ عجيبةٌ مع النبي ﷺ في الهجرة تدلك على قدْرِه عند النبي ومكانتِه في الإسلام, منها:
اشْتَرى أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه مِن عازِبٍ رَحْلًا بثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقالَ أبو بَكْرٍ لِعازِبٍ: مُرِ البَراءَ فَلْيَحْمِلْ إلَيَّ رَحْلِي، فَقالَ عازِبٌ: لا، حتّى تُحَدِّثَنا: كيفَ صَنَعْتَ أنْتَ ورَسولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ خَرَجْتُما مِن مَكَّةَ، والمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ قالَ: ارْتَحَلْنا مِن مَكَّةَ، فأحْيَيْنا، أوْ: سَرَيْنا لَيْلَتَنا ويَومَنا حتّى أظْهَرْنا وقامَ قائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ ببَصَرِي هلْ أرى مِن ظِلٍّ فَآوِيَ إلَيْهِ، فَإِذا صَخْرَةٌ أتَيْتُها فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَها فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ للنبيِّ ﷺ فِيهِ، ثُمَّ قُلتُ له: اضْطَجِعْ يا نَبِيَّ اللَّهِ، فاضْطَجَعَ النبيُّ ﷺ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أنْظُرُ ما حَوْلِي هلْ أرى مِنَ الطَّلَبِ أحَدًا، فَإِذا أنا براعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إلى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ منها الذي أرَدْنا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلتُ له: لِمَن أنْتَ يا غُلامُ، قالَ لِرَجُلٍ مِن قُرَيْشٍ، سَمّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلتُ: هلْ في غَنَمِكَ مِن لَبَنٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: فَهلْ أنْتَ حالِبٌ لَنا؟ قالَ: نَعَمْ، فأمَرْتُهُ فاعْتَقَلَ شاةً مِن غَنَمِهِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ ضَرْعَها مِنَ الغُبارِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقالَ: هَكَذا، ضَرَبَ إحْدى كَفَّيْهِ بالأُخْرى، فَحَلَبَ لي كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، وقدْ جَعَلْتُ لِرَسولِ اللَّهِ ﷺ إداوَةً على فَمِها خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ على اللَّبَنِ حتّى بَرَدَ أسْفَلُهُ، فانْطَلَقْتُ به إلى النبيِّ ﷺ فَوافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلتُ: اشْرَبْ يا رَسولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حتّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلتُ: قدْ آنَ الرَّحِيلُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: بَلى. فارْتَحَلْنا والقَوْمُ يَطْلُبُونَنا، فَلَمْ يُدْرِكْنا أحَدٌ منهمْ غَيْرُ سُراقَةَ بنِ مالِكِ بنِ جُعْشُمٍ على فَرَسٍ له، فَقُلتُ: هذا الطَّلَبُ قدْ لَحِقَنا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ: لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ معنا. الراوي: أبو بكر الصديق • البخاري، ومسلم
ذكَرَ رِجالٌ على عَهدِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، فكأنَّهم فَضَّلوا عُمَرَ على أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قالَ: فبلَغَ ذلك عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، فقالَ: واللهِ لَيلةٌ من أبي بَكرٍ خَيرٌ من آلِ عُمَرَ، ولَيومٌ من أبي بَكرٍ خَيرٌ من آلِ عُمَرَ، لقد خرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ ليَنطلِقَ إلى الغارِ ومعَه أبو بَكرٍ، فجعَلَ يَمْشي ساعةً بيْنَ يدَيْه، وساعةً خَلفَه حتّى فطِنَ له رَسولُ اللهِ ﷺ، فقالَ: «يا أبا بَكرٍ، ما لكَ تَمْشي ساعةً بيْنَ يدَيَّ وساعةً خَلْفي؟» فقالَ: يا رَسولَ اللهِ ﷺ، أذكُرُ الطَّلبَ فأمْشي خَلفَكَ، ثمَّ أذكُرُ الرَّصَدَ، فأمْشي بيْنَ يدَيْكَ، فقالَ: «يا أبا بَكرٍ، لو كانَ شَيءٌ أحبَبْتَ أنْ يكونَ بكَ دوني؟» قالَ: نعمْ، والَّذي بعَثَكَ بالحقِّ، ما كانتْ لِتَكونَنَّ مُلمَّةٌ إلّا أنْ تكونَ بكَ دوني، فلمّا انْتَهى إلى الغارِ قالَ أبو بَكرٍ: مَكانَكَ يا رَسولَ اللهِ، حتّى أستَبْرئَ لكَ الغارَ، فدخَلَ واستَبْرأَه حتّى إذا كانَ في أعْلاه ذكَرَ أنَّه لم يَستَبْرئِ الجُحرةَ، فقالَ: مَكانَكَ يا رَسولَ اللهِ، حتّى أسْتَبْرئَ الجُحرةَ، فدخَلَ واستَبْرأَ، ثمَّ قالَ: انزِلْ يا رَسولَ اللهِ، فنزَلَ، فقالَ عُمَرُ: والَّذي نَفْسي بيَدِه لَتلك اللَّيلةُ خَيرٌ من آلِ عُمَرَ. الحاكم، المستدرك على الصحيحين
دخول النبي محمد ﷺ إلى المدينة
ولما دخل النبي المدينة وجد الأنصار في استقباله وكانوا بايعوه من قبل, فعن جابرٍ قال: مكثَ رسولُ اللهِ بمكةَ عشرَ سنينَ يَتبعُ الناسَ في منازلِهم بعكاظٍ ومَجنَّةَ ومنًى يقولُ: من يُئويني من يَنصرُني حتى أبلغَ رسالةَ ربِّي وله الجنةُ؟ فقلْنا حتى متى نتركُ رسولَ يُطردُ في جبالِ مكةَ ويَخافُ، فرحلَ إليه منا سبعونَ رجلًا فقدِمْنا عليْهِ في الموسمِ فوعدْناهُ شِعبَ العقبةِ فاجتمعْنا عِندَهُ من رجلٍ ورجلينِ حتى توافيْنا، فقلْنا: يا رسولَ اللهِ، على ما نبايعُكَ؟ قال: تُبايعوني على السمعِ والطاعةِ في النشاطِ والكسلِ والنفقةِ في العسرِ واليسر، وعلى الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ، وأن تَقولوا في اللهِ لا تخافونَ لومةَ لائمٍ، وعلى أن تَنصروني إذا قدِمْتُ عليكم وتَمنعوني مما تَمنعونَ منه أنفسَكم وأزواجَكم وأبناءَكم ولكم الجنةُ. فقمْنا إليه فبايعْناهُ.
لقد أحسن الأنصار ضيافة النبي وأصحابه وآثروهم على أنفسهم وإن كان بهم خصاصة بمنتهى الحب لله ولرسوله وللمؤمنين, ما أحوجنا إلى هذه الأخوة الصادقة إلى الحب في الله عز وجل!
وفي شأن الأنصارقال تعالى: ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). الحشر 9
وفي صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري أنَّ النَّبيَّ ﷺ نَزَلَ عليه، فَنَزَلَ النَّبيُّ ﷺ في السُّفْلِ، وَأَبُو أَيُّوبَ في العِلْوِ، قالَ: فانْتَبَهَ أَبُو أَيُّوبَ لَيْلَةً، فَقالَ: نَمْشِي فَوْقَ رَأْسِ رَسولِ اللهِ ﷺ! فَتَنَحَّوْا فَباتُوا في جانِبٍ، ثُمَّ قالَ للنَّبيِّ ﷺ، فَقالَ النَّبيُّ ﷺ: السُّفْلُ أَرْفَقُ، فَقالَ: لا أَعْلُو سَقِيفَةً أَنْتَ تَحْتَها، فَتَحَوَّلَ النَّبيُّ ﷺ في العُلُوِّ، وَأَبُو أَيُّوبَ في السُّفْلِ، فَكانَ يَصْنَعُ للنَّبيِّ ﷺ طَعامًا، فَإِذا جِيءَ به إلَيْهِ سَأَلَ عن مَوْضِعِ أَصابِعِهِ، فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصابِعِهِ، فَصَنَعَ له طَعامًا فيه ثُومٌ، فَلَمّا رُدَّ إلَيْهِ سَأَلَ عن مَوْضِعِ أَصابِعِ النَّبيِّ ﷺ، فقِيلَ له: لَمْ يَأْكُلْ، فَفَزِعَ وَصَعِدَ إلَيْهِ، فَقالَ: أَحَرامٌ هُوَ؟ فَقالَ النَّبيُّ ﷺ: لا، وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ، قالَ: فإنِّي أَكْرَهُ ما تَكْرَهُ -أَوْ ما كَرِهْتَ- قالَ: وَكانَ النَّبيُّ ﷺ يُؤْتى: يعني يُوحى إليه.
ومن أروع الأمثلة في الأخوة ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: قَدِمَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَآخى النبيُّ ﷺ بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصارِيِّ وعِنْدَ الأنْصارِيِّ امْرَأَتانِ، فَعَرَضَ عليه أنْ يُناصِفَهُ أهْلَهُ ومالَهُ، فَقالَ: بارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ ومالِكَ، دُلُّونِي على السُّوقِ، فأتى السُّوقَ فَرَبِحَ شيئًا مِن أقِطٍ، وشيئًا مِن سَمْنٍ، فَرَآهُ النبيُّ ﷺ بَعْدَ أيّامٍ وعليه وضَرٌ مِن صُفْرَةٍ، فَقالَ: مَهْيَمْ يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقالَ: تَزَوَّجْتُ أنْصارِيَّةً، قالَ: فَما سُقْتَ إلَيْها؟ قالَ: وزْنَ نَواةٍ مِن ذَهَبٍ، قالَ: أوْلِمْ ولو بشاةٍ.
من مناقب الأنصار
1- أنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ ﷺ، فَبَعَثَ إلى نِسائِهِ، فَقُلْنَ: ما معنا إلّا الماءُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: مَن يَضُمُّ -أوْ يُضِيفُ- هذا؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: أنا، فانْطَلَقَ به إلى امْرَأَتِهِ، فَقالَ: أكْرِمِي ضَيْفَ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَتْ: ما عِنْدَنا إلّا قُوتُ صِبْيانِي، فَقالَ: هَيِّئِي طَعامَكِ، وأَصْبِحِي سِراجَكِ، ونَوِّمِي صِبْيانَكِ إذا أرادُوا عَشاءً، فَهَيَّأَتْ طَعامَها، وأَصْبَحَتْ سِراجَها، ونَوَّمَتْ صِبْيانَها، ثُمَّ قامَتْ كَأنَّها تُصْلِحُ سِراجَها فأطْفَأَتْهُ، فَجَعَلا يُرِيانِهِ أنَّهُما يَأْكُلانِ، فَباتا طاوِيَيْنِ، فَلَمّا أصْبَحَ غَدا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ -أوْ عَجِبَ- مِن فَعالِكُما. فأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩] الراوي: أبو هريرة • البخاري
2- وعن أبي هريرة أن النبي قال: (من أحبَّ الأنصارَ أحبَّهُ اللَّهُ ومن أبغَضَ الأنصارَ أبغضَهُ اللَّهُ). أخرجه أحمد
3- وعن الحارث بن زياد الساعدي أن النبي قال: (إنَّ النّاسَ يُهاجِرونَ إليكُم ولا تُهاجِرونَ إليهِم، والَّذي نفسي بِيَدِه، لا يُحِبُّ الأنصارَ رَجلٌ حتّى يَلقى اللهَ؛ إلّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُحِبُّه ولا يُبغِضُ الأنصارَ رَجلٌ حتّى يَلقى اللهَ، إلّا لَقِيَ اللهَ وهوَ يُبغِضُهُ).
4- وعن أنس بن مالك أن النبي قال: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ). البخاري
5- وعن أبي هريرة أن النبي قال: (لا يُبْغِضُ الأنْصارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ). مسلم
6- وخرَج النَّبيُّ ﷺ ذاتَ يومٍ وقد عصَب رأسَه فتلقَّتْه الأنصارُ بوجوهِهم وفِتيانِهم فقال: (والَّذي نفسُ مُحمَّدٍ بيدِه إنِّي لَأُحِبُّكم إنَّ الأنصارَ قد قضَوُا الَّذي عليهم وبقِي الَّذي عليكم فأحسِنوا إلى مُحسِنِهم وتجاوَزوا عن مُسيئِهم) الراوي: أنس بن مالك • ابن حبان
7- ومَرَّ أبو بَكْرٍ، والعَبّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، بمَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ الأنْصارِ وهُمْ يَبْكُونَ، فَقالَ: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنا مَجْلِسَ النبيِّ ﷺ مِنّا، فَدَخَلَ على النبيِّ ﷺ فأخْبَرَهُ بذلكَ، قالَ: فَخَرَجَ النبيُّ ﷺ وقدْ عَصَبَ على رَأْسِهِ حاشِيَةَ بُرْدٍ، قالَ: فَصَعِدَ المِنْبَرَ، ولَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلكَ اليَومِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنى عليه، ثُمَّ قالَ: (أُوصِيكُمْ بالأنْصارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ). الراوي: أنس بن مالك • البخاري، ومسلم
8- وعن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان يزورُ الأنصارَ ويُسلِّمُ على صبيانِهم ويمسَحُ رؤوسَهم. ابن حبان
9- وعَنْ قَتادَةَ، قالَ: ما نَعْلَمُ حَيًّا مِن أحْياءِ العَرَبِ أكْثَرَ شَهِيدًا أعَزَّ يَومَ القِيامَةِ مِنَ الأنْصارِ قالَ قَتادَةُ: وحَدَّثَنا أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّه قُتِلَ منهمْ يَومَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، ويَومَ بئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، ويَومَ اليَمامَةِ سَبْعُونَ، قالَ: وكانَ بئْرُ مَعُونَةَ على عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ، ويَوْمُ اليَمامَةِ على عَهْدِ أبِي بَكْرٍ، يَومَ مُسَيْلِمَةَ الكَذّابِ. الراوي: أنس بن مالك • البخاري
10- وعن أنس بن مالك قال: خرج علينا رسولُ اللهِ ﷺ فقال: (ألا إن لكلِّ نبيٍّ تركةً وصنيعةً وإن تركتي وصنيعَتِي الأنصارُ فاحفظوني فيهم). الهيثمي، مجمع الزوائد
11- وعن عبد الله بن زيد قال: لَمّا أفاءَ اللَّهُ على رَسولِهِ ﷺ يَومَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ في النّاسِ في المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، ولَمْ يُعْطِ الأنْصارَ شيئًا، فَكَأنَّهُمْ وجَدُوا إذْ لَمْ يُصِبْهُمْ ما أصابَ النّاسَ، فَخَطَبَهُمْ فَقالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصارِ، ألَمْ أجِدْكُمْ ضُلّالًا فَهَداكُمُ اللَّهُ بي؟ وكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فألَّفَكُمُ اللَّهُ بي؟ وعالَةً فأغْناكُمُ اللَّهُ بي؟ كُلَّما قالَ شيئًا قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أمَنُّ، قالَ: ما يَمْنَعُكُمْ أنْ تُجِيبُوا رَسولَ اللَّهِ ﷺ؟ قالَ: كُلَّما قالَ شيئًا، قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أمَنُّ، قالَ: لو شِئْتُمْ قُلتُمْ: جِئْتَنا كَذا وكَذا، أتَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النّاسُ بالشّاةِ والبَعِيرِ، وتَذْهَبُونَ بالنَّبيِّ ﷺ إلى رِحالِكُمْ؟ لَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصارِ، ولو سَلَكَ النّاسُ وادِيًا وشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ وشِعْبَها، الأنْصارُ شِعارٌ، والنّاسُ دِثارٌ، إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فاصْبِرُوا حتّى تَلْقَوْنِي على الحَوْضِ. البخاري
أيها المسلمون الكرام, إن الهجرة في الإسلام لها شأن عظيم, يكفيك أن تعلم أنها تهدم ما كان قبلها من الذنوب والعصيان, يقول عمرو بن العاص: فَلَمّا جَعَلَ اللَّهُ الإسْلامَ في قَلْبِي أتَيْتُ النبيَّ ﷺ، فَقُلتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قالَ: ما لكَ يا عَمْرُو؟ قالَ: قُلتُ: أرَدْتُ أنْ أشْتَرِطَ، قالَ: تَشْتَرِطُ بماذا؟ قُلتُ: أنْ يُغْفَرَ لِي، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ أخرجه مسلم
وقد أخبرنا نبينا الكريم أنه (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، ولَكِنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ، وإذا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا).
الراوي: عبدالله بن عباس • البخاري، أخرجه مسلم
فجاهد نفسك, واحرص على تجديد التوبة, والاستقامة على طاعة الله, واهجر المعصية إلى الطاعة تَسعدْ وتُسعدْ أُمَّتَك.
تحميل خطبة الجمعة القادمة
يمكنكم تحميل نص خطبة الجمعة القادمة في ملف pdf يمكنكم الاستعانة به وطباعته لاستخدامه كموضوع في خطبة الجمعة المقررة من وزارة الأوقاف، ويمكنكم اعادة نشر الموضوع بدون حقوق وبشكل طبيعي لتعم الفائدة على الجميع.
شاهد أيضاً: خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حرمةُ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ في ضوءِ خُطبةِ حجةِ الوداعِ